شبهات وردود - شبكة الدفاع عن السنة



خروج أم المؤمنين عائشة عليها السلام على علي رضي الله عنه

المجيب: شبكة الألوكة

السؤال :

 

تقول الشيعة: ونتساءل عن حرب الجمل التي أشعلَت نارَها أمُّ المؤمنين عائشة؛ إذ كانت هي التي قادتها بنفسها ؟

ونسأل: بأيِّ حق استباحَت أمُّ المؤمنين قتالَ خليفة المسلمين عليِّ بن أبي طالب وهو وليُّ كلِّ مؤمن ومؤمنة؟!


الإجابة :

 

أولًا: القول: إنَّها أشعلَت نار حرب الجمل وقادتها بنفسها... إلخ.

فهذا من أظهَرِ الكذب الذي يَعلم فسادَه كلُّ من له اطِّلاعٌ على التأريخ، وأحداث موقعة الجمل؛ وذلك أنَّ هذه المعركة لم تقَع بتدبير أحدٍ من الصحابة؛ لا عليٍّ ولا طلحةَ ولا الزبير ولا عائشة، بل إنَّما وقعَت بغير اختيار منهم ولا إرادةٍ لها.

وإنما أنشَب الحربَ بينهم قتَلةُ عثمانَ لما رأوا أنَّ الصحابة رضي الله عنهم أوشكوا على الصلح، كما نَقل ذلك المؤرِّخون وصرَّح به العلماء المحقِّقون للفتنة وأحداثها، ونسوق إليك بعضَ هذه النصوص:

يقول ابنُ العربي: "وقدم عليٌّ البصرة وتدانَوا ليتَراءوا، فلم يَتركهم أصحابُ الأهواء، وبادروا بإراقة الدماء، واشتجَر بينهم الحرب، وكثُرَت الغوغاء على البغواء، كل ذلك حتى لا يقع برهان، ولا تقف الحالُ على بيان، ويَخفى قتلة عثمان، وإنَّ واحدًا في الجيش يفسد تدبيره فكيف بألف؟".

العواصم من القواصم (ص159).

ويقول ابن حزم: "وأما أمُّ المؤمنين والزبير وطلحة رضي الله عنهم ومَن كان معهم، فما أبطَلوا قطُّ إمامةَ عليٍّ ولا طعَنوا فيها. فقد صحَّ صحةً ضرورية لا إشكالَ فيها أنَّهم لم يَمضوا إلى البصرة لحرب عليٍّ ولا خلافًا عليه ولا نَقضًا لبيعته، وبرهانُ ذلك أنَّهم اجتمَعوا ولم يقتَتلوا ولا تحاربوا، فلما كان الليل عرَف قتلةُ عثمانَ أنَّ الإغارة والتدبير عليهم، فبيَّتوا عسكرَ طلحة والزبير، وبذَلوا السيف فيهم، فدفع القومُ عن أنفسهم فردعوا حتى خالطوا عسكر علي، فدفع أهلُه عن أنفسهم، وكلُّ طائفة تظن ولا تشكُّ أن الأخرى بدَأتها بالقتال، فاختلطَ الأمر اختلاطًا لم يَقدر أحدٌ على أكثرَ مِن الدفاع عن نفسه، والفسَقة من قتَلة عثمان لعنَهم الله لا يَفتُرون مِن شبِّ الحرب وإضرامها".

الفِصَل في الملل والنِّحل(4/ 238 – 239).

ويقول ابنُ كثير واصفًا الليلةَ التي اصطلَح فيها الفريقانِ من الصَّحابة: "وبات الناسُ بخير ليلة، وبات قتَلةُ عثمانَ بشرِّ ليلة، وباتوا يتَشاورون، وأجمَعوا على أن يُثيروا الحربَ من الغلَس".

البداية والنهاية (7/ 5).

ويقول ابن أبي العز الحنفي: "جرَت فتنةُ الجمل على غير اختيار من عليٍّ ولا من طلحةَ والزبير، وإنما أثارها المفسِدون بغير اختيار السابقين".

شرح العقيدة الطحاوية ص723.

فهذه أقوالُ العلماء أنَّ القتال الواقعَ من الصحابة لم يكن بتدبير ولا اختيارٍ منهم، بل إنَّهم كانوا كارهين لها، مُؤثِرين الصلحَ على الحرب.

ولم يكن لأيِّ أحد من الصحابة أيُّ دور في نُشوبها ولا سعيٍ في إثارتها، لا عائشة رضي الله عنها - كما يزعمون - ولا غيرها، وإنما أوقدَ جذوتَها وأضرم نارَها قتلة عثمان رضي الله عنه.

ثانيًا: مما يدل على أنها لم تَخرج لقتاله ما صح من أنها أرادت الرجوع؛ لمَّا نبحَت عليها كلابُ الحوأب.

ففي مسند أحمد (24654) بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم: (أن عائشة، قالت: لماأتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب، فقالت: ماأظنني إلا راجعة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: " أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟ "،فقال لهاالزبير: ترجعين عسى الله عزوجل أن يصلح بك بين الناس).

فهذا يدل على أنها أرادَت الإصلاح لا الخروج، ولم ترد الحرب.

ثالثًا: ومما يدل على أنها لم تخرج لقتال عليٍّ والخروج عليه، أن عليًّا رضي الله عنه كان بالمدينة ولم يكن بالعراق، وهي قد خرجَت إلى البصرة، حيث قتَلةُ عثمان، فلو أرادَت القتال لخرجَت إلى المدينة لقِتاله هناك، بدلًا من هذا السفر الطويل.

رابعا: لو كانت متسببة بالفتنة وسفك الدماء، فإنها تكون حينئذ آثمة وجانية (وحاشاها)، والواجب على الحاكم الشرعي أن يقتص منها ولا يتهاون بحدود الله تعالى، لاسيما إن كان هذا الحاكم معصوما !!

ففي تاريخ الطبري: (ثم أنزلها دارَ عبد الله بن خلف، وهي أعظمُ دار في البصرة على سنيةَ بنت الحارث أمِّ طلحة، وزارَها بعد ثلاثٍ ورحَّبَت به وبايعَته وجلس عندها، فقال رجلٌ: يا أميرَ المؤمنين إنَّ بالباب رجلين يَنالان من عائشةَ، فأمر القعقاعَ بن عمرو أن يَجلد كلَّ واحد منهما مائةَ جلدة، وأن يجرِّدهما من ثيابهما، ففعل).

الطبري (5/ 223).

(ولما أرادَت الخروجَ من البصرة، بعث إليها بكلِّ ما يَنبغي من مركبٍ وزاد ومتاع، وأذن لمن نَجا من الجيش أن يَرجع إلا أن يحبَّ المقام، وأرسل معَها أربعينَ امرأةً وسيَّر معها أخاها محمدًا، ولما كان اليومُ الذي ارتحلَت فيه جاء عليٌّ فوقف على الباب في الهودج، فودَّعَت الناس، ودَعَت لهم، وقالت: "يا بَنيَّ، لا يغتَب بعضُكم بعضًا؛ إنه ما كان بيني وبين عليِّ بن أبي طالب في القديم إلا ما يَكون بين المرأةِ وأحمائها، وإنه لمن الأخيار"، فقال عليٌّ: "صدقَت، والله ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها زوجةُ نبيِّكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة"، وسار معها مودِّعًا أميالًا، وسرَّح بنيه معها بقيةَ ذلك اليوم).

انظرالبداية والنهاية (7/ 274)،والعواصم من القواصم.

 فنحن نسأل : بأي حق كان تكريم علي لها ! وبأي حق يرجعها إلى المدينة معززة مكرمة !!

وأين حق الدماء التي استبيحت ؟ّ!

أم أنّ للمعصوم الصلاحية في عدم تطبيق حدود الله ؟!