شبهات وردود - شبكة الدفاع عن السنة



هل في كثرة أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه ما يريب؟

المجيب: الشيخ صلاح نجيب الدق

السؤال :

يقال: إن كثرة أحاديث أبي هريرة مع قِصَر مدة مصاحبته للنبي صلى الله عليه وسلم، دليل على أنه وضع أحاديث كثيرة من عنده، ونسبها كذبًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهل هذا صحيح.


الإجابة :

 

سبحانك هذا بهتان عظيم.

الرد من عدة وجوه:

أولًا: لماذا يعجب الطاعنون من قوة حافظة أبي هريرة، فليس هذا مجالًا للدهشة والطعن؛ لأن كثيرًا من العرب قد حفظوا أضعاف أضعاف ما حفظه أبو هريرة، فكثير من الصحابة حفظوا القرآن الكريم والحديث والأشعار، فماذا يقول الطاعنون في هؤلاء؟ وماذا يقولون في حفظ أبي بكر الصديق لأنساب العرب؟! (أبو هريرة؛ لمحمد عجاج الخطيب صـ:204).

ثانيًا: ماذا يقول الطاعنون في حماد بن سابور بن المبارك (95 - 155 هـ): أول مَن لُقِّب بالراوية، وكان من أعلم الناس بأيام العرب وأشعارها وأخبارها وأنسابها ولغاتها، وكان يحفظ المعلقات السبع، وكان يحفظ على كل حرف من حروف المعجم مائة قصيدة كبيرة سوى المقطعات، من شعر الجاهلية دون الإسلام؛ (الأعلام للزركلي جـ2صـ271).

ثالثًا: معظم الأحاديث التي رواها أبي هريرة لم ينفرد بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل شاركه في روايتها غيره من الصحابة.


رابعًا: لماذا يطعن الطاعنون من الشيعة على كثرة أحاديث أبي هريرة، ولا يطعنون على بعض رواة الشيعة، ومنهم: جابر بن يزيد الجعفي الذي روى عن الإمام محمد الباقر سبعين ألف حديث، وعن باقي أئمة الشيعة مائة وأربعين ألف حديث، ومنهم أيضًا أبان بن تغلب الذي روى عن الإمام جعفر الصادق ثلاثين ألف حديث، ومنهم كذلك محمد بن مسلم الذي روى عن الإمام محمد الباقر ثلاثين ألف حديث، وعن الإمام جعفر الصادق ستة عشرة ألف حديث، في حين أن أبا هريرة قد روى أقل من ذلك بكثير؛ حيث بلغ عدد أحاديثه خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثًا، وهذا يُبين تناقض هؤلاء الطاعنين؛ (معاوية بن أبي سفيان؛ لعلي محمد الصلابي صـ346:345).

[قلنا:  هذا الشائع، أن عدد أحاديثه 5000 حديثا، وهذا يعود لمجموع أحاديثه المكررة: أي التي جاءت بنفس المتن ولكن من طريق رواة أُخر عنه.

وأيضا لمجموع الصحيح والحسن والضعيف والموضوع عنه.

وأما أحاديثه غير المكررة فلم تتجاوز 1500 حديثا، مع أن أغلبها شاركه في روايتها صحابة آخرون.

ومعنى هذا أنه لم ينفرد إلا بالقليل القليل .

قال الشيخ أحمد شاكر في شرحه على ألفية السيوطي ص 109 : (واعلم أن هذا العدد يدخل فيه المكرر، أي أن الحديث الواحد يعد أحاديث بعدد طرقه، ومن المهم معرفة العدد الحقيقي بحذف المكرر، واعتبار كل الطرق للحديث حديثاً واحداً، وظهر لي أن عدد أحاديث مسند أبي هريرة بعد حذف المكرر منها هو 1579 حديثاً فقط فأين هذا من العدد الضخم الذي ذكره ابن الجوزي وهو 5374 ؟! ). ]

شبكة الدفاع عن السنة


خامسًا: شهِد الصحابة والتابعون وأهل العلم جميعًا لأبي هريرة بقوة الحفظ وحضور الذاكرة.

(1) قال عبدالله بن عمر بن الخطاب: يا أبا هريرة، كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلمنا بحديثه؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ2صـ629).

(2) قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ2صـ599).

(3) قال الذهبي عن أبي هريرة: هو الإمام، الفقيه، المجتهد، الحافظ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو هريرة الدوسي، اليماني، سيد الحفاظ الأثبات؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ2صـ578).

وقال الذهبي أيضًا: أبو هريرة: إليه المنتهى في حفظ ما سمعه من الرسول عليه السلام وأدائه بحروفه؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ2صـ619).