شبهات وردود - شبكة الدفاع عن السنة



الرد على الشيعة حول اتهامهم أبا موسى الأشعري بالنفاق (2)

المجيب: شبكة الدفاع عن السنة

السؤال :

 

الرد على الشيعة حول اتهامهم أبا موسى الأشعري بالنفاق (2)

 


الإجابة :

 

الدكتور عبد الرحمن دمشقية

خامسا: التحاكم إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

 

ونزيد الوجوه المتقدمة متانةً وبناءً، باللجوء إلى كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والتحاكم إليهما عند النزاع.

 

فهل هناك مسلم يمتنع عن الرد والتحاكم إليهما إلا من أُشْرب قلبه النفاق والزندقة!

 

أما كلام الله في كتابه العزيز، فقد تتابعت آياته في الثناء على الصحابة والشهادة لهم بالإيمان، فلن نطيل فيها فهي معروفة للمنصف والباحث عن الهدى.

 

وأبو موسى الأشعري صحابي بيقين وإخراجه من فضل الصحبة وثناء الله عليه في كتابه يحتاج إلى دليل يقيني مقابله، فهل يوجد هكذا دليل عند المخرجين له؟!

 

وأما كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فالثابت فيه ما يبطل شبهة أهل الزيغ من وجوه:

 

مناقب أبي موسى الأشعري من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

1- دعاء النبي لأبي موسى:

 

«اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما» (البخاري 4323)

 

2- الشهادة لأبي موسى بأنه مؤمن منيب وليس مرائيا:

 

22952 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ بُرَيْدَةُ عِشَاءً، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا صَوْتُ رَجُلٍ يَقْرَأُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " تُرَاهُ مُرَائِيًا؟ " فَأَسْكَتَ بُرَيْدَةُ، فَإِذَا رَجُلٌ يَدْعُو، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ - أَوْ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ - لَقَدْ سَأَلَ اللهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ".

 

قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْقَابِلَةِ خَرَجَ بُرَيْدَةُ عِشَاءً، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا صَوْتُ الرَّجُلِ يَقْرَأُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَتَقُولُهُ مُرَائِيُا؟ " فَقَالَ بُرَيْدَةُ: أَتَقُولُهُ مُرَائِيُا يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَا، بَلْ مُؤْمِنٌ مُنِيبٌ، لَا، بَلْ مُؤْمِنٌ مُنِيبٌ " فَإِذَا الْأَشْعَرِيُّ يَقْرَأُ بِصَوْتٍ لَهُ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الْأَشْعَرِيَّ - أَوْ إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ - أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ " فَقُلْتُ: أَلَا أُخْبِرُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " بَلَى فَأَخْبِرْهُ " فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أَنْتَ لِي صَدِيقٌ، أَخْبَرْتَنِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثٍ.

 

أخرجه أحمد في المسند وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. 

 

3- ثناء النبي على الأشعريين كلهم:

 

قال الرسول عن الأشعريين لمعاونة بعضهم بعضا «هم مني وأنا منهم» (البخاري رقم4123 مستدرك الحاكم2/ 150).

 

وأبو موسى منهم بلا شك!

 

4- النبي صلى الله عليه وسلم يرسل أبا موسى داعية للإسلام إلى اليمن:

 

أَقْبَلْتُ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَعِي رَجُلانِ مِنَ الأشْعَرِيِّينَ، أحَدُهُما عن يَمِينِي، والآخَرُ عن يَسارِي، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْتاكُ، فَكِلاهُما سَأَلَ، فقالَ: يا أبا مُوسَى -أوْ: يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ قَيْسٍ- قالَ: قُلتُ: والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ ما أطْلَعانِي علَى ما في أنْفُسِهِما، وما شَعَرْتُ أنَّهُما يَطْلُبانِ العَمَلَ، فَكَأَنِّي أنْظُرُ إلى سِواكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ قَلَصَتْ، فقالَ: لَنْ -أوْ: لا- نَسْتَعْمِلُ علَى عَمَلِنا مَن أرادَهُ، ولَكِنِ اذْهَبْ أنْتَ يا أبا مُوسَى -أوْ يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ قَيْسٍ- إلى اليَمَنِ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ مُعاذُ بنُ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عليه ألْقَى له وِسادَةً، قالَ: انْزِلْ، وإذا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ، قالَ: ما هذا؟ قالَ: كانَ يَهُودِيًّا فأسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، قالَ: اجْلِسْ، قالَ: لا أجْلِسُ حتَّى يُقْتَلَ، قَضاءُ اللَّهِ ورَسولِهِ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ. فأمَرَ به فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذاكَرا قِيامَ اللَّيْلِ، فقالَ أحَدُهُما: أمَّا أنا فأقُومُ وأنامُ، وأَرْجُو في نَوْمَتي ما أرْجُو في قَوْمَتِي

.

أخرجه البخاري (6923)، ومسلم (1733)

 

فهذه شهادة نبوية أن أبا موسى ليس ممن يطلب منصب الإمامة للدنيا وإلا لكان منعه كما منع الرجلين.

 

وبهذه الشهادة النبوية يكون أبو موسى قد جاوز القنطرة بالمطلق، وقنطرة أي لفظ متشابه كلفظ ابن أبي شيبة وتخطى شهادته فيه. وكيف إذا كان هذا اللفظ لا يثبت فيه ذكر أبي موسى كما مر معنا؟!

 

5- النبي يدل أبا موسى على كنز الجنة:

 

لَمَّا غَزَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَيْبَرَ -أوْ قالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أشْرَفَ النَّاسُ علَى وادٍ، فَرَفَعُوا أصْوَاتَهُمْ بالتَّكْبِيرِ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ارْبَعُوا علَى أنْفُسِكُمْ؛ إنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أصَمَّ ولَا غَائِبًا؛ إنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وهو معكُمْ. وأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَمِعَنِي وأَنَا أقُولُ: لا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، فَقالَ لِي: يا عَبْدَ اللَّهِ بنَ قَيْسٍ. قُلتُ: لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: ألَا أدُلُّكَ علَى كَلِمَةٍ مِن كَنْزٍ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ قُلتُ: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، فَدَاكَ أبِي وأُمِّي، قالَ: لا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ

.

أخرجه البخاري 4205.

 

فهذه نصوص محكمة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة لأبي موسى الأشعري بحسن ديانته وجمال تلاوته وبراءته من الرياء ووصفه بالمؤمن المنيب والدعاء له أن يغفر الله له ويدخله مدخل صدق.

 

6- شهادة أنس في أبي موسى أنه حريص على تعليم القرآن:

 

قال ابن سعد: أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة ووهب بن جرير بن حازم ومسلم بن إبراهيم قالوا: أخبرنا هشام الدستوائي ، عن أنس: بعثني الأشعري إلى عمر، فقال لي: كيف تركت الأشعري ؟ قلت: تركته يعلم الناس القرآن. (الطبقات الكبرى 2/543)

 

تخريج الرواية:

 

رجاله ثقات، أخرجه ابن سعد 4 / 108 من طريق حماد بن أسامة، ووهب بن جرير، كلاهما عن هشام الدستوائي عن قتادة، عن أنس. وهو في " تاريخ ابن عساكر ": 507 506.

 

7- الضربة الموجعة للمنافقين: أبو موسى حارس أمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ « أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا! قَالَ: فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَسَأَلَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: خَرَجَ وَجَّهَ هَاهُنَا. قَالَ: فَخَرَجْتُ عَلَى أَثَرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ. قَالَ: فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاجَتَهُ وَتَوَضَّأَ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ، وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا ‌وَكَشَفَ ‌عَنْ ‌سَاقَيْهِ ‌وَدَلَّاهُمَا ‌فِي ‌الْبِئْرِ. ‌قَالَ: ‌فَسَلَّمْتُ ‌عَلَيْهِ ‌ثُمَّ ‌انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، فَقُلْتُ: لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ. فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ. قَالَ: ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ! فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ! قَالَ: فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: ادْخُلْ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ. قَالَ: فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ فِي الْقُفِّ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللهُ بِفُلَانٍ - يُرِيدُ أَخَاهُ - خَيْرًا يَأْتِ بِهِ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ! فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ! فَجِئْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ: أَذِنَ، وَيُبَشِّرُكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجَنَّةِ. قَالَ: فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا - يَعْنِي أَخَاهُ - يَأْتِ بِهِ، فَجَاءَ إِنْسَانٌ فَحَرَّكَ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ. قَالَ: وَجِئْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ مَعَ بَلْوَى تُصِيبُهُ! قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: ادْخُلْ، وَيُبَشِّرُكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجَنَّةِ مَعَ بَلْوَى تُصِيبُكَ. قَالَ: فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ، فَجَلَسَ وِجَاهَهُمْ مِنَ الشَّقِّ الْآخَرِ.»

 

قَالَ شَرِيكٌ: فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ.

 

أخرجه مسلم2403

 

وهذا الحديث يدل على أن أبا موسى كان حارسا أمينا للنبي صلى الله عليه وسلم وكان ثقة مأمونا، وكلها نصوص قاطعة يقينية تقطع عنق كل منافق والحمد لله.

 

وكذلك كان أبو موسى الاشعري ثقة مأمونا عند الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان؟