شبهات وردود - شبكة الدفاع عن السنة



الرد على الشيعة حول اتهامهم أبا موسى الأشعري بالنفاق (1)

المجيب: شبكة الدفاع عن السنة

السؤال :

 

الرد على الشيعة حول اتهامهم أبا موسى الأشعري بالنفاق (1)

 


الإجابة :

 

المجيب: الدكتور عبد الرحمن دمشقية

 

أولا: نص الحديث

 

حدثنا الفضل بن دكين، عن الوليد بن جميع، عن أبى الطفيل قال: كان بين حذيفة وبين رجل منهم من أهل العقبة بعض ما يكون بين الناس، فقال: أنشدك بالله كم كان أصحاب العقبة؟ فقال القوم: فأخبره فقد سألك، فقال أبو موسى الأشعرى: قد كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فقال حذيفة: وإن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر، أشهد بالله أن اثنى عشر منهم حزب الله ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثة، قالوا: ما سمعنا منادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا علمنا ما يريد القوم.

 

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (بتحقيق الشثري): 21/186 رقم 39887.

 

ولكن السؤال: هل هذا هو اللفظ الوحيد لهذا الحديث أم أن هناك ألفاظا أخرى هي أصرح وأوضح وأحكم منه؟!

 

انظر (رابعا: أين المحكم إذن؟)

 

ثانيا: تحرير محل النزاع

 

في الحديث أن التخاطب كان بين حذيفة ورجل من أهل العقبة، الذي به يصير أهل العقبة خمسة عشر.

 

فإذا أدخلنا أبا موسى في المعدودين صاروا ستة عشر قطعا.

 

فيتبين أن المقصود بقول حذيفة (وإن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر) هو الرجل السائل لا أبا موسى رضي الله عنه.

 

والسؤال أيضا: هذا فهم سليم وسديد بل متعين، ولكن هل هناك نص أو لفظ أخر للحديث يصدّق هذا الفهم ويؤكده؟

 

انظر (رابعا: أين المحكم إذن؟)

 

ثالثا: حمل المتشابه على المحكم

 

إن أهل السنة يعودون بالمتشابه إلى المحكم لا سيما إذا كان هذا المحكم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

فالذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه: والتشابه هنا عدم التصريح باسم أبي موسى، فلو أن حذيفة قال: وإن كنت فيهم يا أبا موسى، لانتهى التشابه وصار عود الضمير على أبي موسى محكما.

 

ولكن النص عند أبي شيبة ليس هكذا فبقي التشابه واقعا! فما الحل؟

 

الحل هو تتبع ألفظ الحديث في كتب السنة!

 

  رابعا: أين المحكم إذن؟

 

وهذا أهم الأوجه في إبطال هذه الشبهة: فإننا لو رجعنا إلى ألفاظ الحديث في غير مصنف ابن أبي شيبة، كما في صحيح مسلم ومسند أحمد، فإننا لا نجد ذكر أبي موسى الأشعري بتاتا، بل إن أحد ألفاظ أحمد يبين أطراف المتحاورين وينسب كل قول لصاحبه دون أي لبس، وكلها طرق صحيحة وإحداها بنفس رواة ابن أبي شيبة.

 

وهذا يدل على وقوع الإجمال في رواية ابن أبي شيبة المتقدمة، وهاكم هي الروايات:

 

أ- ففي المسند:

 

اللفظ الأول:

 

23321 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبُو نُعَيْمٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ - يَعْنِي ابْنَ جُمَيْعٍ - قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، [وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ]: حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ، قَالَ كَانَ بَيْنَ حُذَيْفَةَ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ؟ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ. قَالَ: إِنْ كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ - وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَقَالَ الرَّجُلُ: كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ - قَالَ: فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ - وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فِيهِمْ - فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ - قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: الْأَشْهَادُ - وَعَذَرْنَا ثَلَاثَةً، قَالُوا: مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا عَلِمْنَا مَا أَرَادَ الْقَوْمُ - قَالَ: أَبُو أَحْمَدَ فِي حَدِيثِهِ: وَقَدْ كَانَ فِي حَرَّةٍ فَمَشَى -، فَقَالَ لِلنَّاسِ: " إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ، فَلَا يَسْبِقْنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ " فَوَجَدَ قَوْمًا قَدْ سَبَقُوهُ، فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ.

 

‌‌وهذا إسناد قوي على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الوليد بن عبد الله بن جميع.

 

وهذا اللفظ اتفق عليه محمد بن عبد الله بن الزبير وأبو نعيم كلاهما عن الوليد.

 

وفيه أن القائل (إِنْ كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ) هو حذيفة أو الرجل الذي من أهل العقبة وهو الراجح من السياق.

 

فرد عليه حذيفة: فَإِنْ كُنْتَ فِيهِمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ.

 

وهذا اللفظ هو بنفس رواة المصنف وبإضافة ابن الزبير لأبي نعيم: وقد اتفقا على عدم ذكر أبي موسى في الرواية أصلا.

 

لا ذكر لأبي موسى، وهذا يظهر المعنى القطعي الذي فسرنا به لفظ المصنف وأخرجنا أبا موسى من الزعم بأنه أحد أهل العقبة.

 

هناك أخرجنا أبا موسى ظنا راجحا للدليل، وهنا أخرجناه قطعا لأنه غير مذكور في اللفظ!!

 

فماذا بقي للمستدل بلفظ ابن أبي شيبة، وزعمه بأن حذيفة يخاطب أبا موسى، إلا الغزي والإصرار على العار؟!!

 

إذن، هذا هو المحكم!

 

اللفظ الثاني:

 

‌23792 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُمَيْعٍ -، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: إِنَّ رَسُولَ اللهِ أَخَذَ الْعَقَبَةَ، فَلَا يَأْخُذْهَا أَحَدٌ. فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُودُهُ حُذَيْفَةُ وَيَسُوقُ بِهِ عَمَّارٌ إِذْ أَقْبَلَ رَهْطٌ مُتَلَثِّمُونَ عَلَى الرَّوَاحِلِ، غَشَوْا عَمَّارًا وَهُوَ يَسُوقُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَقْبَلَ عَمَّارٌ يَضْرِبُ وُجُوهَ الرَّوَاحِلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِحُذَيْفَةَ: " قَدْ، قَدْ " حَتَّى هَبَطَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا هَبَطَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ وَرَجَعَ عَمَّارٌ، فَقَالَ: " يَا عَمَّارُ، هَلْ عَرَفْتَ الْقَوْمَ؟ " فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتُ عَامَّةَ الرَّوَاحِلِ وَالْقَوْمُ مُتَلَثِّمُونَ. قَالَ: " هَلْ تَدْرِي مَا أَرَادُوا؟ " قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " أَرَادُوا أَنْ يَنْفِرُوا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيَطْرَحُوهُ ". قَالَ: فَسَأَلَ عَمَّارٌ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ، كَمْ تَعْلَمُ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ؟ فَقَالَ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ. فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ فِيهِمْ فَقَدْ كَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ. فَعَذَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ ثَلَاثَةً قَالُوا: وَاللهِ مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ، وَمَا عَلِمْنَا مَا أَرَادَ الْقَوْمُ. فَقَالَ عَمَّارٌ: أَشْهَدُ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْبَاقِينَ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ.

 

‌‌إسناده قوي على شرط مسلم.

 

وفيه أن السائل (نَشَدْتُكَ بِاللهِ، كَمْ تَعْلَمُ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ؟) هو عمار بن ياسر رضي الله عنه.

 

والمجيب (فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ فِيهِمْ فَقَدْ كَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ) هو أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن البين أنه حذيفة من نصوص بقية الألفاظ.

 

وأيضا لا ذكر لأبي موسى!!

 

والسؤال هل يقبل الشيعة أن ندخل عمار بن ياسر في أصحاب العقبة وعده من المتآمرين على قتل النبي صلى الله عليه وسلم؟

 

أم أن المتعين هو أنْ يُحمل اللفظ على أن الخطاب عائد إلى الشخص الذي بينه وبين حذيفة شيء ؟! كما هو منهج أهل السنة؟!

 

فماذا يقول جماعة ياسر الحبيب؟!

 

لا ذكر لأبي موسى ولكن لعمار بن ياسر!!

 

إذن، هذا هو المحكم!

 

ب- صحيح مسلم

 

(2779) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ: « كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ. قَالَ: كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، وَعَذَرَ ثَلَاثَةً. قَالُوا: مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ، وَقَدْ كَانَ فِي حَرَّةٍ فَمَشَى فَقَالَ: إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ، فَلَا يَسْبِقْنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ. فَوَجَدَ قَوْمًا قَدْ سَبَقُوهُ، فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ .»

 

وأخرجه مسلم من طريق أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير وحده، بهذا الإسناد.

 

وفيه أن خطاب حذيفة موجه للرجل من أهل العقبة

 

وأيضا لا ذكر لأبي موسى!!

 

إذن، هذا هو المحكم!

 

والخلاصة من هذا الوجه أن المقصود بكلام حذيفة رضي الله عنه: هو الرجل الذي هو من أهل العقبة لا أبا موسى الأشعري رضي الله عنه بيقين!