شبهات وردود - شبكة الدفاع عن السنة



هل يصح قول علي (‌فَبِي ‌خَفَّفَ ‌الله ‌عَنْ ‌هَذِهِ ‌الْأُمَّةِ)؟

المجيب: شبكة الدفاع عن السنة

السؤال :

هل يصح قول علي (‌فَبِي ‌خَفَّفَ ‌الله ‌عَنْ ‌هَذِهِ ‌الْأُمَّةِ)؟

 


الإجابة :

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
 
أولا: تخريجه:

الأثر أخرجه الترمذي وغيره، وقال:

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ الْأَشْجَعِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ الْأَنْمَارِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا تَرَى دِينَارٌ؟ قَالَ: لَا يُطِيقُونَهُ، قَالَ: فَنِصْفُ دِينَارٍ؟ قُلْتُ: لَا يُطِيقُونَهُ، قَالَ: فَكَمْ؟ قُلْتُ: شَعِيرَةٌ، قَالَ: إِنَّكَ لَزَهِيدٌ. قَالَ: فَنَزَلَتْ: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} الْآيَةَ قَالَ: ‌فَبِي ‌خَفَّفَ ‌اللهُ ‌عَنْ ‌هَذِهِ ‌الْأُمَّةِ»

ثانيا: درجته:

قال الشيخ شعيب الأرناؤوط رحمه الله في تعليقه على "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان" 15/390:

(إسناده ضعيف، علي بن علقمة الأنماري لم يرو عنه غير سالم بن أبي الجعد.

وضعفه العقيلي، وابن الجارود، والذهبي.

وقال البخاري: في حديثه نظر.

وذكره المؤلف (أي ابن حبان) في "المجروحين" 2/109 وقال: منكر الحديث، ينفرد عن علي بما لا يشبه حديثه، فلا أدري منه سماعا، أو أخذ ما يروي عنه عن غيره، والذي عندي ترك الاحتجاج به، إلا فيما وافق الثقات من أصحاب علي في الروايات، ثم أعاد ذكره في "الثقات" 5/163 !!

وقال ابن عدي: لا أرى بحديث علي بن علقمة بأسا في مقدار ما يرويه،

وقال الحافظ في "التقريب": مقبول، أي: إذا توبع وإلا فلين الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح.

الأشجعي: هو عبيد الله بن عبيد الرحمن، وسفيان: هو الثوري.

وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 12/81 - 82، وعنه عبد الرحمن بن حميد في "المنتخب" "90"، وأبو يعلى "400".

وأخرجه الترمذي "3300" عن سفيان بن وكيع، عن يحيى بن آدم، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من هذا الوجه.

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 3/243 من طريق يحيى بن عبد الحميد، عن عبيد الله الأشجعي، به.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان" 28/21 من طريق مهران، عن سفيان الثوري، به.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/1847 - 1848 من طريق شريك، عن عثمان بن المغيرة، به.

ومعنى قوله: "شعيرة": يعني وزن شعيرة من ذهب). انتهى كلام الشيخ شعيب.

وقال الدكتور سعد الشثري في تخريجه لمصنف ابن أبي شيبة (18/77):

(مجهول؛ لجهالة علي بن علقمة الأنماري، أخرجه الترمذي (3300)، والنسائي (8537)، وابن حبان (6941)، وعبد بن حميد (90)، وأبو يعلى (400)، وابن جرير 28/ 21، والنحاس في الناسخ ص 701، والضياء (681)، والبزار (668)، وابن عدي 5/ 204، والعقيلي 3/ 242.)

ثالثا: نكارة المتن:

قال الدكتور خالد المزيني في كتابه "المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة" 2/970:

(دِرَاسَةُ السَّبَبِ:

هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية. وقد ذكر جمع من المفسرين هذا الحديث منهم الطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية وابن كثير.

قال الطبري: (يقول تعالى ذكره: أشق عليكم وخشيتم أيها المؤمنون بأن تقدموا بين يدي نجواكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صدقات الفاقة) اهـ.

وقال البغوي: (قال ابن عبَّاسٍ: وذلك أن الناس سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثروا حتى شقوا عليه فأراد اللَّه أن يخفف على نبيه ويثبطهم ويردعهم عن ذلك فأمرهم أن يقدموا صدقة على المناجاة مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) اهـ.

والظاهر - واللَّه أعلم - أن هذا الحديث لا يصح أن يكون سبباً لنزول الآية لما يلي:

1 - أن إسناد الحديث ضعيف وتفصيله في موضعه من الحاشية.

2 - أن سياق الحديث يقتضي أن الذي أشفق من ذلك هو علي رضي الله عنه والناظر في سياق الآية من أولها إلى آخرها يجد أن حديثها بصيغة الجمع مما يدل على أن الإشفاق منهم وليس من علي وحده.

3 - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: إنك لزهيد لما اقترح شعيرة وهذا يعني وبقتضي أن علياً أرحم بالناس من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وليس الأمر والله كذلك فليس أرحمَ بالناس من الناس أحدٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللَّه تعالى عنه: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128).

4 - أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار علياً في مقدار الصدقة وهذا يخالف المعهود عنه صلى الله عليه وسلم من استشارة كبار أصحابه لاسيما صاحبيه الكبيرين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما جميعاً.

وبناءً على ما تقدم فليس الحديث المذكور سبب نزولها بل ربما نزل التخفيف لمجرد علم اللَّه بمشقة ذلك عليهم من غير طلب منهم أو من أحدهم واللَّه أعلم.

النتيجة:

أن الحديث المذكور ليس سبب نزولها لضعف إسناده، وعدم موافقته السياق القرآني والمشهور من حال النبي صلى الله عليه وسلم من عدة وجوه واللَّه أعلم).