وهذه الرواية يذكرها الطبري (5/150) بمثل الرواية السابقة ويزيد فيها التالي:

(ولما انتهى إِلَى عَائِشَة قتل علي- رضي الله عنه قالت:

فمن قتله؟ فقيل: رجل من مراد، فَقَالَتْ:

فإن يك نائيا فلقد نعاه … غلام ليس فِي فِيهِ التراب

فَقَالَتْ زينب ابنة أبي سلمة: ألعلي تقولين هَذَا؟ فَقَالَتْ: إني أنسى، فإذا نسيت فذكروني).

وقد ساقها الإمام الطبري بسنده هكذا:

(حدّثني موسى بن عثمان بن عبد الرحمن المسروقيّ، قال: حدّثنا عبد الرحمن الحرانيّ أبو عبد الرحمن، قال: أخبَرَنا إسماعيل بن راشد، قال: كان من حديث ابن مُلجَم وأصحابه ......) الرواية.

وهي رواية طويلة بلغت عدة صفحات وفيها وصية علي رضي الله عنه لأولاده!

وإسنادها معضل، فهي شديدة الضعف. وفيها علتان:

أ‌-        فيها عبد الرحمن الحراني، أبو عبد الرحمن:

قال الشيخ أكرم زيادة الفالوجي في المعجم الصغير لرواة الإمام ابن جرير الطبري:

(2172 - أبو عبد الرحمن، عبد الرحمن، الحراني، من العاشرة فما فوقها، لم أعرفه، ولم أجد له ترجمة).

فهو مجهول.

وإن كان مصحفا عن عثمان بن ‌عبد ‌الرحمن، ‌الخزاعي، ‌الحراني، الطرائفي، فهذا قد أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، فضعف بسبب ذلك، حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب.

ب‌-    وفيها: إسماعيل بن راشد، وهو السلمي الكوفي، مجهول الحال.

يروي عن سعيد بن جبير، وروى عنه حصين بن عبد الرحمن السلمي، وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 353 رقم 1114)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 169 رقم 567)؛ ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.

وإسماعيل أيضا لم يدرك عليا رضي الله عنه، فكيف علم بوصيته التي ذكرت في الرواية الطويلة العجيبة؟!

وقد روى هذه الوصية دون ذكر أم المؤمنين وما قالته، الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 9/ 2-10/ 2) من طريق عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي: أخبرنا إسماعيل بن راشد قال: ..... الرواية.

وقال الشيخ الألباني رحمه الله عنها: (قلت: وهذا إسناد ضعيف منقطع؛ فإن إسماعيل بن راشد - على جهالته - لم يدرك علياً رضي الله عنه).

سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة، 11/320.

فهذا حال سند هذه الرواية فمن سيجرؤ ويقول بعد هذا أن أم المؤمنين قد أثنت على قاتل علي رضي الله عنه؟!

سبحانك هذا بهتان عظيم!!