شبهات وردود - شبكة الدفاع عن السنة



هل تمثلت أم المؤمنين عائشة بهذا البيت بعد وفاة علي: فألقت عصاها واستقرت بها النوى!

المجيب: شبكة الدفاع عن السنة

السؤال :

هل تمثلت أم المؤمنين عائشة بهذا البيت بعد وفاة علي: فألقت عصاها واستقرت بها النوى!

 


الإجابة :

 

روى ابن سعد في الطبقات:

(قالوا وذَهَبَ بقتل عليّ، عليه السلام، إلى الحجاز سفيانُ بن أميّة بن أبي سفيان بن أُميّة بن عبد شمس فبلغ ذلك عائشة فقالت:

‌فألقت ‌عصاها ‌وَاستقرّتْ ‌بها ‌النّوى … كما قَرّ عينًا بالإياب المسافرُ)

الطبقات الكبرى 3/38.

وعن ابن سعد نقله الأخباريون كالبلاذري في "أنساب الأشراف" 2/505، ومن جاء بعده.

فما حال السند عند ابن سعد؟

قال ابن سعد: (قال: أخبرنا أسْباط بن محمّد عن مُطَرّف عن أبي اسحاق عن عمرو بن الأصمّ قال: .... الرواية).

وهذه الرواية باطلة لا تصح ولها علتان:

الأولى: تدليس أبي إسحاق السبيعي.

فمدار هذا الرواية عن أبي إسحاق عن عمرو بن الاصم، وأبو اسحاق السبيعي مدلس، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الثالثة.

حيث قال: "(91) ع عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي، مشهور بالتدليس، وهو تابعي ثقة وصفه النسائي وغيره بذلك " اهـ.

طبقات المدلسين ص 42.

وقد قال الحافظ ابن حجر عن المرتبة الثالثة: "الثالثة من أَكْثر من التدليس فلم يحتج الائمة من أحاديثهم الا بما صرحوا فيه بالسماع ومنهم من رد حديثهم مطلقا ومنهم من قبلهم كأبي الزبير المكي" اهـ.

 طبقات المدلسين ص 13.

وهنا لم يصرح أبو إسحاق بالتحديث!!

الثانية: جهالة حال عمرو بن الأصم.

فعمرو بن الأصم: هو ‌عمرو ‌بن عبد الله ‌الأصم ولم نجد من تكلم فيه جرحًا أو تعديلًا.

فقد ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 346، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 242، فلم يوردا فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وذكره ابن حبان في "الثقات" 5/ 180 على عادته في توثيق الضعفاء والمجاهيل.

وقد نص غير واحد من العلماء على أن ابن حبان رحمه الله ربما تساهل في التوثيق وفي التصحيح أيضا ، فيوثق المجهولين ، ويحتج بحديثهم.

قال ابن عبد الهادي رحمه الله :

" قد علم أن ابن حبان ذكر في هذا الكتاب الذي جمعه في الثقات عدداً كبيراً ، وخلقاً عظيماً من المجهولين ، الذين لا يعرف هو ولا غيره أحوالهم، وقد صرح ابن حبان بذلك في غير موضع من هذا الكتاب.

وقد ذكر ابن حبان في هذا الكتاب خلقاً كثيراً من هذا النمط، وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح، وإن كان مجهولاً لم يعرف حاله .

وينبغي أن يُنتبه لهذا ، ويُعرف أن توثيق ابن حبان للرجل ، بمجرد ذكره في هذا الكتاب : من أدنى درجات التوثيق " انتهى مختصرا من "الصارم المنكي" (ص: 103) .

وقال السخاوي في "فتح المغيث(1/ 55)" في ابن حبان: يُقَارِبُ الحاكم فِي التَّسَاهُلِ ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي النَّظَرَ فِي أَحَادِيثِهِ أَيْضًا ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَيِّدٍ بِالْمُعَدَّلِينَ، بَلْ رُبَّمَا يُخَرِّجُ لِلْمَجْهُولِينَ ".

وقال الألباني رحمه الله :

" لا أستطيع الاعتماد على مجرد تصحيح ابن حبان للحديث ، قبل الاطلاع على سنده ورواته، لما علمنا من تساهله في ذلك، حسبما نبهنا عليه مرارا في مناسبات شتى " .

فعمرو بن الأصم مجهول الحال!

فالسند فيه عنعنة أبي إسحاق وجهالة حال بن الأصم!

ومع هذا كم من مردد لهذا البيت وهو ينسبه لأم المؤمنين عليها السلام دون أن يتحرى أو يتثبت؟!