شبهات وردود - شبكة الدفاع عن السنة



هل هناك روايات صحيحة في تاريخ الطبري في أخبار مقتل الحسين؟

المجيب: شبكة الدفاع عن السنة

السؤال :

هل هناك روايات صحيحة في تاريخ الطبري في أخبار مقتل الحسين؟

 


الإجابة :

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

أولا: منهج الإمام الطبري في تاريخه:

لقد بين الإمام الطبري - رحمه الله – منهجه في تاريخه في مقدمة الكتاب:

يقول الإمام الطبري في مقدمة تاريخه:

«وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرطت أني راسمه فيه، إنما هو على ما رُوِّيتُ من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه والآثار التي أنا مُسْنِدُها إلى رواتها.

فما يكن في كتابي هذا من خير ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجهًا من الصحة ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم يُؤْتَ في ذلك مِن قِبَلِنَا وإنما أتِيَ مِنْ قِبَل ناقليه إلينا، وإنا إنما أدَّيْنا ذلك على نحو ما أدِّيَ إلينا».

فالإمام الطبري يوضح أن ما سيجده القارئ لتاريخه من أخبر مستشنعة وغير مستساغة ومستنكرة، إنما هي من أخبار الرواة الذين سماهم ونقل عنهم، فهو مجرد جامع لكلامهم، وهو لم يشترط الصحة في كتابه ولذلك فليس كل ما في تاريخه هو معتمد عنده ومقبول وصحيح، وإنما العهدة على الأسانيد، فإن كانت عن الثقات فهي صحيحة وإلا فلا تقبل.

وهذا المنهج سار عليه أكثر المحدثين، فحين ترجع إلى كتب الحديث غير الصحيحين والتاريخ والأخبار، تجدهم يذكرون لك الإسناد ولم يتعهدوا بذكر الصحيح فقط وإنما ذكروا الأخبار بأسانيدها، وعلى القارئ والباحث دراسة الأسانيد ليحكم على الأخبار ليقبل الصحيح ويرد الضعيف.

ثانيا: الطبري والنقل عن أبي مخنف؟

أكثَرَ الإمام الطبري في كتابه (التاريخ) النقل عن لوط بن يحيى أبي مخنف.

وقد روى عنه في تاريخه خمسمائة وسبعًا وثمانين رواية، وهذه الروايات تبدأ من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وتنتهي إلى خلافة يزيد، منها سقيفة بني ساعدة ، قصة الشورى، الأمور التي من أجلها قام الخوارج على عثمان رضي الله عنه ثم بعد ذلك استشهاده، خلافة علي رضي الله عنه، معركة الجمل، معركة صِفِّين، التحكيم، معركة النهروان، خلافة معاوية رضي الله عنه، أخبار مقتل الحسين رضي الله عنه.

تجد في كل هذه الروايات ذكرا لأبي مخنف، ولهذا أكثر أهل البدع النقل عن تاريخ الطبري وجعلوه عمدة لبث أكاذيبهم!

ثالثا: منزلة أبي مخنف؟

وأما أبو مخنف فهذا حاله عند النقاد والمحققين:

قال عنه ابن معين: ليس بثقة.

وقال أبو حاتم: متروك الحديث.

وسئل عنه مرة فنفض يده وقال: أحد يسأل عن هذا؟

وقال الدارقطني: ضعيف.

وقال الذهبي: أخباري تالف لا يوثق به.

فعلى القارئ الحريص إذا وجد في تاريخ الطبري رواية فيها مطعن على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ووجد في سندها أبا مخنف، فعليه أن يلقيها ولا يعبأ بها وليتق الله في قبولها أو روايتها أو نقلها دون التنبيه عليها، ناهيك عن ذكرها وترديدها على المنابر وفي الفضائيات التي يصعب بعد ذلك حصر ضررها وشررها!

فأبو مخنف هذا جمع بين البدعة والكذب وكثرة الرواية؛ مبتدع كذاب مكثر من الرواية!!

رابعا: هل هناك صحيح في مقتل الحسين في الطبري؟

لقد ساق الإمام الطبري أخبار مقتل الحسين رضي الله عنه في تاريخه في الجزء الخامس من صفحة 400 إلى صفحة 470 .

[بحسب طبعة المحقق محمد أبو الفضل إبراهيم / الناشر: دار المعارف بمصر]

وساق الأخبار كلها أو أكثرها من كتاب (خبر مقتل الحسين) للوط بن يحيى أبي مخنف!

والعجيب أن كل ما ساقه الإمام الطبري ما بين الموضوع والضعيف لأن أغلبه جاء من طريق لوط بن يحيى أبي مخنف وغيره من الكذابين!

ولم يصح إلا مطلع المبحث وهو تأريخ مقتل الحسين وهو التالي:

قال الإمام الطبري:

(ثم دخلت سنة إحدى وستين ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث:

فمن ذلك مَقتَل الحسين رضوان الله عليه، قُتل فيها في المحرّم لعشر خلوْن منه، كذلك حدّثني أحمد بن ثابت، قال: حدّثني مُحَدّث عن إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر، وكذلك قال الواقديّ وهشام بن الكلبيّ؛ وقد ذكرْنا ابتداءَ أمر الحسين في مسيره نحوَ العراق وما كان منه في سنة ستين، ونذكر الآن ما كان من أمره في سنة إحدى وستين وكيف كان مَقتلُه).

هذا ما صح فقط من الصفحات السبعين في أخبار مقتل الحسين!

وكل ما جاء بعده إلى آخر المبحث لم يصح!!

ولذا وضعه البحاثة المحقق محمد بن طاهر البرزنجي والمحقق المتثبت محمد صبحي حلاق في قسم (الضعيف من تاريخ الطبري) في تحقيقهما لتاريخ الطبري!
انظر 9/209 إلى 9/272.

والنتيجة أن كل ما في تاريخ الطبري في أخبار مقتل الحسين لم يصح منه ولا خبر واحد!!

فكيف يكون الكلام عن مقتل الحسين من تاريخ الطبري: عمدة الخطباء والوعاظ؟!!

ألا فليتق الله من يخاف أن يكون من الذين ينشرون الأكاذيب ويلوكون الإفك والبهتان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ألا ولينتبه المحبون للبحث والتحقيق والمتجنبون لروايات الكذب والبهتان أن يقعوا في براثن هذا الخطأ الذي لن يعفيهم من المسؤولية الشرعية بعد علمهم بحال أخبار الطبري في هذه الفاجعة الأليمة أن يكون ممن يروج لبهتان أبي مخنف بين المؤمنين!

خامسا: حمّل الكتاب

وقد قمنا بانتقاء المبحث المتعلق بخبر مقتل الحسين رضي الله عنه من كتاب (صحيح وضعيف تاريخ الطبري).

وأسمينا المنتقى (الموضوع والضعيف من أخبار مقتل الحسين رضي الله عنه في تاريخ الطبري).

انتقينا من الجزء التاسع من صفحة 209 إلى صفحة 272، وأضفنا مقدمة الجزء التاسع من الكتاب.

وهذا انتقاء عملناه لكل ما ساقه الامام الطبري في تاريخه في أخبار مقتل الحسين رضي الله عنه، وستجد أن كل ما ساقه فيه من الموضوع والضعيف!

فرحم الله الإمام الطبري الذي خدم العلم والبحث عن الحقيقة برواية هذه الأخبار بسندها عن أبي مخنف!

فلولا ذلك لما عرفنا أكاذيب أبي مخنف ولا تفرده في إفكه وبهتانه!!

ولراج الباطل والكذب على الناس ولظنوا أنه من روايات الثقات عن الثقات!

حمل كتاب:

(الموضوع والضعيف من أخبار مقتل الحسين رضي الله عنه في تاريخ الطبري)

وهو منتقى من كتاب (صحيح وضعيف تاريخ الطبري)

انتقاء شبكة الدفاع عن السنة