![]() |
|
هل أفتت السيدة عائشة عليها السلام بجواز أكل الفأرة؟
المجيب: شبكة الدفاع عن السنةهل أفتت السيدة عائشة عليها السلام بجواز أكل الفأرة؟
لاصة الجواب: لم يثبت عن السيدة عائشة عليها السلام هذا القول بسند صحيح، بل الثابت عكسه.
ويتبين هذا الأمر مما يلي:
1- ليس هناك أي محذور شرعي في أن يذهب المفتي إلى رأي معين يراه، مستندا على أدلة توجب عليه هذا الرأي، وكان هذا المفتي أهلا للإفتاء، وعليه فلا مانع من أن تذهب السيدة عائشة عليها السلام إلى رأي فقهي تجده مؤيدا للدليل الذي تستدل به، فهي أعلم النساء قطعا ومن أعلم الصحابة رواية ودراية، وانتشر لها من الفتاوى والآراء ما ملأ الكتب الفقهية والحديثية، فهل هناك عاقل ينازع في أهليتها للاجتهاد؟!
2- يتم التعامل مع فتاوى الصحابة وغيرهم وفقا للميزان العلمي المقرر، فما جاء من الآراء والفتاوى والاجتهادات مخالفا للنص، فإنه يرد إلى الله والرسول، كائنا من كان قائله، فإذا وجدنا اجتهادا لعائشة عليها السلام أو لغيرها مخالفا النص، قدمنا النص وألغينا قولها، وهذا ميزان أهل السنة الذي ورثوه من الصحابة أنفسهم ومن عائشة نفسها رضي الله عنهم أجمعين.
3- ولكن هل أفتت السيدة عائشة عليها السلام فعلا بهذا القول؟
بالرجوع إلى المصادر نجد أن هذا القول يعزى لها في أكثر من كتاب فقهي كالمغني لابن قدامة، ومصدرهم الوحيد حول هذا الموضوع كتاب (الإشراف على مذاهب العلماء) لابن المنذر، وبالرجوع إلى الكتاب نفسه نجد ابن المنذر يورد قولها بلا سند!!
يقول (8/136): (وسئلت عائشة عن الفأرة فقالت: ما هي بحرام، وقرأت هذه الآية {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ...}). وأيضا أعاده في (8/154)، بلا سند أيضا.
فهذا العزو إذاً: مرسل عنها! لم يسنده ابن المنذر لننظر في حال رجاله.
فيحق للباحث أن ينفي هذا القول عنها أو على الأقل أن يذهب إلى عدم ثبوته عنها بسند صحيح.
4- ومما يقوي عدم صحة هذا القول عنها، بل يدفع –بقوة- إلى اعتبارها تذهب إلى نقيض هذا القول، أنها عليها السلام روت حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: ((خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم: العقرب، والحدأة، والغراب، والفأرة، والكلب العقور).
والفواسق: المجبولات على الأذية والإضرار.
ومنطوق الحديث يفيد بأن حرمة الحرم لا تحرم قتل الفواسق ولا تمنعها؛ بل يجوز قتلها مع وجود حرمة الحرم، وكذلك حرمة الإحرام لا تمنع هذه الفواسق من أن يقتلها المحرِم، فتلك الفواسق يقتلها في الحرم المحرِم وغير المحرِم، وكذلك خارج الحرم يقتلها المحرِم وغير المحرِم.
فكيف يجوز لمن يروي هذا الحديث، أن يقول بجواز أكل إحدى هذه الفواسق؟ فهل يغيب هذا عن أم المؤمنين سلام الله عليها؟
وقد بين العلماء سبب جواز قتل الفواسق التي تقتل في الحل والحرم وأنه لا يجوز أكلها، وجعلوا الضابط فيما يمنع صيده في الحرم: الأكل إن كان مما يؤكل فلا يجوز صيده، وإن كان مما لا يؤكل فإنه يقتل، وجعلوا العلة في الفواسق الخمس عدم الأكل، وفرَّقوا بين ما يصاد وما لا يصاد بهذا.
5- ومن العجيب أن ابن المنذر نفسه رحمه الله نقل الإجماع على جواز قتل هذه الفواسق إذ يقول: (وأجمعوا على ما ثبت من خبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قتل التي يقتلها المحرم). أي حديث "الفواسق الخمس" الذي روته عائشة عليها السلام.
فهذا إجماع على القتل يتضمن إجماعا على حرمة الأكل.
6- وقد حرص الروافض على نشر هذه الفتوى لأم المؤمنين ليشنعوا عليها، وأفضل رد عليهم كل ما سبق، فإنه لم يثبت عن السيدة عائشة عليها السلام هذا الجواز، ووجوده في كتب غير مسندة لا يثبته، كيف وقد تبين معنا ما يدفعنا إلى الحكم بنقيضه.
والحمد لله رب العالمين.