![]() |
|
لماذا قتل سيف الله المسلول خالد بن الوليد مالك بن نويرة؟
المجيب: شبكة الدفاع عن السنةلماذا قتل سيف الله المسلول خالد بن الوليد مالك بن نويرة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1- محبة الأصحاب وإحسان الظن بهم:
الواجب على المسلم محبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وموالاتهم، وإحسان الظن بهم، فإن الأصل حسن الظن بكل مسلم، فكيف بالصحابة وهم خير هذه الأمة؟ وعلى المسلم ألا يرعي سمعه للشبهات التي يراد بها الافتراء على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
2- خالد بن الوليد هو سيف الله، كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم:
ففي صحيح البخاري عن أنس - رضي الله عنه -: أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدًا وجعفرًا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان؛ حتى أخذها سيف من سيوف الله - وهو خالد بن الوليد - حتى فتح الله عليهم.
فهل نحسن الظن بسيف الله إذا اشتبه الأمر؟ أم نفكر بخلفية المجوس وحقدهم؟!
3- إذا اجتهد المجتهد وأخطأ فهل يؤثم أم يثاب؟
أجمع العلماء على أن المجتهد لا إثم عليه في خطئه، فعن عمرو بن العاص، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر). متفق عليه،
وجاء في الحديث الآخر: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه). أخرجه ابن ماجه، وصححه الألباني).
4- من هو مالك بن نويرة:
القدر الثابت من خبره أنه ارتد بعد أن أسلم، وصَانَع سجاح حين قدمت أرض الجزيرة، وشارك في حركة الردة في الجزيرة العربية، وامتنع عن أداء الزكاة وحبس إبل الصدقة، ومنع قومه من أدائها، ولما أوعز الصديق رضي الله عنه لسيف الله خالد رضي الله عنه لينهي حركة الردة، فمن ثم بدأ خالد باستئصالهم الواحد تلو الآخر إلى أن وصل إلى مالك الذي تفاجأ بأسره وسرعة سقوطه بين يدي خالد، وكان وضعه مضطربا لنيته بعدم التسليم لأوامر الخلافة.
فأمر عودته عن الردة لم يكن معلوما لأحد بخلاف ردته، حتى لمن واجهه وأسره!!
جاء في البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله (/322:
" فبث خالد السرايا في البطاح يدعون الناس، فاستقبله أمراء بني تميم بالسمع والطاعة، وبذلوا الزكوات، إلا ما كان من مالك بن نويرة، فكأنه متحير في أمره، متنح عن الناس، فجاءته السرايا فأسروه وأسروا معه أصحابه، واختلفت السرية فيهم، فشهد أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري أنهم أقاموا الصلاة، وقال آخرون إنهم لم يؤذنوا ولا صلوا." انتهى.
وما صنيع مالك هذا إلا (لتكبره وتردده؛ فقد بقي للجاهلية في نفسه نصيب، وإلا لما ماطل هذه المماطلة في التبعية للقائم بأمر الإسلام بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفي تأدية حق بيت مال المسلمين المتمثل بالزكاة، وقد كانت أفعاله وأقواله على السواء تؤيد شبهة الردة فيه، فارتداده ووقوفه بجانب سجاح وتفريقه إبل الصدقة على قومه، بل ومنعهم من أدائها لأبي بكر وعدم إصاخته لنصائح أقربائه المسلمين في تمرده، كل ذلك يدينه ويجعل منه رجلًا أقرب إلى الكفر منه إلى الإسلام، ولو لم يكن مما يحتج به على مالك إلا منعه للزكاة لكفى ذلك مسوغًا لإدانته). [حركة الردة لعلي العاتوم]
فخالد رضي الله عنه كان يعمل في هذا الجو العسكري الضاغط الذي لا يسمح بالتساهل والتراخي، مع ما عرف عنه من الحزم والبأس والتحوط.
5- من الذي قتل مالك بن نويرة:
لم تصح رواية واحدة بسند صحيح أن خالدا قتل مالكا مباشرة أو بحضوره أو أن حوارا دار بينهما، وكل الروايات التي ساقها الطبري في تاريخه لا تصح، (راجعها في كتاب "صحيح وضعيف تاريخ الطبري").
ولكن الثابت أنه قتل في حملة خالد عليه وعلى من كان معه، وذلك لشبهة الردة فيهم.
6- لماذا قُتل مالك بن نويرة:
وأما سبب قتله في حملة خالد بن الوليد رضي الله عنه عليه، فلكونه مرتدًا عندهم على حسب حاله قبيل أسره وبعدها، ولامتناعه عن أداء الزكاة وحبسه إبل الصدقة، ومنعه قومه من أدائها.
ولأن تصرفاته مع جيش خالد لم تشر إلى إسلام رجل منقاد لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
وهذا أمر لم يكن خافيا على أحد، وما جرى لاحقا كان حول: هل رجع عن ردته قبيل وصول خالد إليه؟ وما الدليل؟!!
وحتى إن فرض أنه لم يكن مرتدًا في نفس الأمر، فغاية ما هنالك أن يكون خالد ومن معه، اجتهد وتأول في قتله، والمجتهد لا إثم عليه كما تقدم.
(فقتل خالد لمالك بن نويرة: إما أن يكون لواحد من هذه الأسباب المذكورة، وإما أن يكون لسبب آخر لم نعلمه، وإما أن خالداً لم يرد قتله أصلاً، وإنما قتل خطأً، فإن كل ذلك محتمل. وحينئذ فخالد معذور على كل حال، سواء أكان قتله بحق لسبب يوجب قتله، أو بخطأ ناشئ عن تأويل يعذر به، أو بغير قصد لا لوم عليه فيه.) [الانتصار للرحيلي]
وقال ابن تيمية: " مالك بن نويرة لا يعرف أنه كان معصوم الدم ، ولم يثبت ذلك عندنا ، ...... ومعلوم أن خالدًا قتل مالك بن نويرة; لأنه رآه مرتدًا ... وبالجملة: فنحن لم نعلم أن القضية وقعت على وجه لا يسوغ فيها الاجتهاد، والطعن بمثل ذلك من قول من يتكلم بلا علم، وهذا مما حرمه الله ورسوله. اهـ
وقال ابن حجر الهيتمي: على أن الحق عدم قتل خالد؛ لأن مالكًا ارتد ورد على قومه صدقاتهم لما بلغه وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما فعل أهل الردة، وقد اعترف أخو مالك لعمر بذلك، وتزوجه امرأته لعله لانقضاء عدتها بالوضع عقب موته، أو يحتمل أنها كانت محبوسة عنده بعد انقضاء عدتها عن الأزواج على عادة الجاهلية، وعلى كل حال فخالد أتقى لله من أن يظن به مثل هذه الرذالة التي لا تصدر من أدنى المؤمنين، فكيف بسيف الله المسلول على أعدائه؟ فالحق ما فعله أبو بكر، لا ما اعترض به عليه عمر رضي الله تعالى عنهما ويؤيد ذلك أن عمر لما أفضت إليه الخلافة لم يتعرض لخالد، ولم يعاتبه، ولا تنقصه بكلمة في هذا الأمر قط، فعلم أنه ظهر له حقية ما فعله أبو بكر، فرجع عن اعتراضه، وإلا لم يتركه عند استقلاله بالأمر؛ لأنه كان أتقى لله من أن يداهن في دين الله أحدًا. اهـ
7- كذب وبهتان:
وأما أن يكون خالد -رضي الله عنه قتله من أجل أن يتزوج بامرأته فهذا من البهتان المبين، راجعها في كتاب ("صحيح وضعيف تاريخ الطبري").
وأنه دخل بزوجته بعد قتله فهذا كله من رواية الواقدي المتروك وأمثاله.
ويعلق الشيخ أحمد شاكر على هذه المسألة بقوله : (إلا أن أعداءه والمخالفين عليه –أي لخالد رضي الله عنه- رأوا في هذا العمل فرصتهم ، فانتهزوها وذهبوا يزعمون أن مالك بن نويرة مسلم ، وأن خالدا قتله من أجل امرأته، وأما ما ذكره من تزوجه بامرأته ليلة قتله ، فهذا مما لم يعرف ثبوته) " انتهى .
8- جدال الشيخين حول القضية:
وأما ما دار بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من جدال حول هذا الموضوع فما صح منه أن عمر مال إلى من يرى إسلام مالك، وهذا رأي في مقابل رأي خالد ومن معه، وهو رأي برأي، وقد قدمنا الخلاف حول إقامتهم الصلاة، ولذا فالصديق رضي الله عنه احتاط في الأمر ووداه ورد السبي مرجحا إسلامهم احتياطا، ولذا أقر خالدا على الإمرة وأعاده ليكمل جهاده وفتوحاته، وقبل تأوله.
وما قيل عن اتهام عمر لخالد في دينه وتأنيبه لنزوه على امرأة مالك فلا يصح (راجع صحيح وضعيف تاريخ الطبري)، فعمر كان يرى خالداً مخطئاً في قتل مالك، ومع هذا فما كان يتهمه في دينه، بل كان يقول: إن في سيفه رهقاً.
9- أصل هذه الشبهة:
أصل هذه الشبهة من الرافضة موجهة إلى الصديق رضي الله عنه، بدعوى أنه لم يقتص لقتل مالك ولم يحكّم حكم الله في القصاص لدم معصوم ولا عذر له.
ومع سخافة هذا الكلام فقد قلب شيخ الإسلام رحمه الله هذه التهمة عليهم، فقال: (والجواب: أن يقال أولا: إن كان ترك قتل قاتل المعصوم مما ينكر على الأئمة، كان هذا من أعظم حجة شيعة عثمان على علي ; فإن عثمان خير من ملء الأرض من مثل مالك بن نويرة، وهو خليفة المسلمين، وقد قتل مظلوما شهيدا بلا تأويل مسوغ لقتله، وعلي لم يقتل قتلته، وكان هذا من أعظم ما امتنعت به شيعة عثمان عن مبايعة علي، فإن كان علي له عذر شرعي في ترك قتل قتلة عثمان، فعذر أبي بكر في ترك قتل قاتل مالك بن نويرة أقوى، وإن لم يكن لأبي بكر عذر في ذلك فعلي أولى أن لا يكون له عذر في ترك قتل قتلة عثمان.
وأما ما تفعله الرافضة من الإنكار على أبي بكر في هذه القضية الصغيرة، وترك إنكار ما هو أعظم منها على علي ; فهذا من فرط جهلهم وتناقضهم.)
9- الردة وذهاب البطولات كلها !!
إنه لمن العجب أن تثار هذه الشبهة في وجه سيف الله المسلول، في الوقت الذي كان يقدم فيه أروع آيات الجهاد، وأخلص أنواع العمل لحماية الإسلام وقطع أعناق الردة والمرتدين، وتوحيد الجزيرة تحت حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
لم ير هؤلاء المنافقون إلا هذه الحادثة فقط ليتحدثوا عن مرحلة الردة، متناسين كل البطولات وكل الجهاد وكل الفتوحات.
(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ)
10- مالك صحابي ومن رجالات الشيعة!!
وأما المضحكات العجيبة فأن يخرج مع الشيعة أن مالكا صحابي موال ومن شيعة علي، وأثبتوه في كتبهم من رجالات الشيعة!!
الذي قاتل لحماية الدين ونصرته وإعادة المرتدين، اعتبروه مرتدا!!
والذي ارتد وخرج على المسلمين، اعتبروه صحابيا!!
هذا مقياس المنافقين الذين محضوا النفاق كله والعياذ بالله!